الأحد، 27 نوفمبر 2011

واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون


يحثنا المولى تعالى في الكثير من آياته على الذكر الكثير لاسمه تعالى، فيقول:" يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبحوه بكرة وأصيلا" ويقول سبحانه:"فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون". فلأجل ماذا حثنا على ذكره كثيرا ؟ لعل من الحِكم الكثيرة لذلك أن ننير حياتنا بنوره، ونحيي قلوبنا بذكره، ويستقيم أمرنا بهديه.
إن الحياة بلا ذكر الله تعالى ظلمة.. والقلوب بلا ذكره سبحانه موات.. والمعيشة بلا ذكر المولى متاعب ونكبات.. ونظرة إلى ما حدث لعاد وثمود، وقارون وفرعون وهامان تنبئ بذلك.
لقد ظن عاد وثمود أنهم الأقوى والأشد، فقالوا:"من أشد منا قوة"، نسوا الله تعالى فلم يذكروا القويَ المتعال، القهارَ الجبارَ.. نسوا الله فظنوا أن قوتَهم من كسب أيديهم وليست بيد الله يسحبها أنى شاء، ويهبها لمن يشاء.. لم يذكروا الله تعالى.. فطغوا وتجبروا وتعدوا، والله بالمرصاد.
لقد ظن فرعون أنه الأعلى فقال:"أنا ربكم الأعلى"، نسي الله فلم يذكر مالك الملك العليَ العظيمَ، نسي الله فظن أن مصر وأهلها بيده؛ يوجههم حيث يشاء، نسي أن الله بيده مقاليد الأمور.. يعز من يشاء ويذل من يشاء، فطغى وتجبر، وأسرف وبذّر، والله بالمرصاد.
لقد ظن قارون أنه الأغنى والأعلى، "إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة"، نسي الله فلم يذكر مالكَ الملك الذي يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء، فظن أنه كسبَ مالَه بعلمه وحيلته، ونسي أن الله يوسع من يشاء فينعّمه، ويمسك على من يشاء فيقدِر عليه، فطغى وفرِح وتعالى وتكبر، والله بالمرصاد
فهذا حال من لم يذكر الله.. إن الإنسان إذا لم يذكر الله وكان في نعمة تطاول وتعالت نفسه.. وطاش عقله واستغنى.. وحسب نفسه كالجبال طولا.. فإذا ذكر الله تعالى تراجع وتراجع من طوله.. وعاد إليه عقله.. وصار إنسانا.. إلى أن يصير عبدا لله يشعر أن النعمة بيده، فيحمده عليها ويحسن إعمالها.
حتى فريق من بني إسرائيل حينها استسلموا لفرعون وانبهروا بقارون، لقد ظنوا أن فرعون هو المالك والقهار، نسوا الله، فظنوا أن عذاب فرعون دائم، وأنهم لا قوة لهم ولا أمل، لم يذكروا الله.. نسوا أن الله هو المالك الحقيقي، لا أحد يكبر عليه، ولا مخلوق يند عن طوعه.. نسوا الله فيئسوا وخارت عزيمتهم، واستسلم معظمهم لفجور فرعون وملئه، وثقل عليهم أن يجيبوا موسى u إلى الصبر والاستعانة بالله عز وجل، وقالوا:" أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا"، فالأذى دائم أبدا. فأراهم الله آياته ومعجزاته، ثم نجى الله الصابرين من فرعون لذكرهم.
وهذا حال الإنسان إذا لم يذكر الله تعالى وهو في شدة من مصيبة أصابته أو بأس أصابه من خلق مثله.. يئس.. وظن أن الأرض ضاقت عليه بما رحبت.. وعاش معيشة ضنكا.
ولما خرج قارون على قومه في زينته:"قال الذين يريدون الحياة الدنيا يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون إنه لذو حظ عظيم". نسوا الله الوهاب الرزاق.. من بيده الملك.. لم يذكروا الله فكان ذلك الملك حظ وبخت.. ولا حظوظ مع الله.. بل قسمة ونصيب.  
وهكذا حال الإنسان، إن كان في نقص ولم يذكر الله.. رأى من وسَّع الله عليه في الرزق محظوظا فحسده.. أو تكالب على الدنيا لينافسه، في متع زائلة ودنيا فانية. فعاش معيشة ضنكا.
والله لا يريد من الإنسان أن يتعدى طوْره أو يعيشَ في ضنك أو يلهثَ وراء الدنيا ويحسدَ الناس. يريد الله منا أن نَرْشُد في حياتنا ونعمل لخير الدنيا وجزاء الآخرة، وذلك بذكره سبحانه. فذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون، وذلك خيرا لكم لعلكم تفلحون.. فلذكر الله لأجل أن ترشد، نذكر الله حتى نطمئن، نذكر الله حتى تحيى قلوبنا، وتطيب حياتنا.. وذلك هو الفلاح.
محمد بن ح داود تمزغين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق