النظرة الفاحصة لأسباب ومناسبات نزول القرآن الكريم ترشد إلى الجوانب التي كان الوحي القرآني يخاطب المجتمع المسلم منها وأبرزها ما يأتي:
1. مجادلة الكفار وشبهاتهم:
فقد كان القرآن مهتما بالردّ على الكفار، كلَّمَا خطر لهم سؤال أو أثاروا شبهة، فيذكر القرآن الشبهة تامّة ثم ينقضها من أساسها، فكان نِعْم المدافع عن الدين وكانت تلك فرصةً لبسط الكلام في وجه من وجوه هذا الدين وصلاحه للإنسان. وأمثلة ذلك كثيرة؛ مثل الشبهات في البعث، ووحدانية الله تعالى، وفي بشرية الرسولr، وصدق القرآن، وصلاح ما جاء به للإنسان... وبهذا قطع عذر أيّ إنسان في عدم الإيمان. فكان القرآن نعم المحامي والمدافع عن المسلمين ضد أعدائهم من خارج مجتمعهم.
2. كشف خبايا المنافقين ومكر أهل الكتاب:
وذلك بفضح ما يتآمرون به ضد الإسلام وأهله، سواء أكانوا من أهل الكتاب مثل قوله تعالى:]وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ وَلا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ[، أم من المنافقين، مثل قوله تعالى:]يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُون[، بما يعطي للمسلمين حصانة ويبطل أي كيد للأعداء داخل المجتمع المسلم.
3. حل المعضلات والتفريج عن الشدائد:
فكلما اشتد الأمر على المسلمين واحتاجوا إلى هداية السماء؛ تنزل الآيات بلسما شافيا، كما حدث في أزمة الإفك، وفي تقسيم الغنائم في بدر، والفيء في بني النضير، وكذلك الأمر حينما تضيق الأرض بالمسلمين وتشتد عليهم الكرب فينزل الوحي مؤنسا ومسلّيا، كما كان في نزول معظم القصص؛ مثل سورة يوسف، وكذا ما نزل بعد غزوة أحد وغزوة تبوك. فكان القرآن نعم المؤنس والمجيب لحاجات المسلمين والراعي لحياتهم.
4. التوجيه نحو الرقي والكمال:
لم يقف الوحي عند مستوى التأثر بما يحدث داخل المجتمع المسلم وخارجه، بل كان يتخذ الموقف ويسبق الحدث، دافعا نحو الكمال والرقي، كإبطال ظاهرة التبني، ووضع خطة تحرير الرقاب
، وتطهير المجتمع من الفسق، وحفظ العرض، ونشر العلم والتعلم، والانفتاح على المجتمعات الأخرى، وكالتبشير بفتح فارس والروم وهم في ضائقة الخندق، وبفتح مكة بعد صلح الحديبية... ويتخذ التدابير اللازمة للحفاظ على معنويات عالية عند المسلمين بسنّ التنظيمات وتشريع الأحكام وتخطيط المجتمع والدولة، بل مخاطبة كل الخلق من أهل كتاب وغيرهم، كما تقصّ سورة المائدة.
، وتطهير المجتمع من الفسق، وحفظ العرض، ونشر العلم والتعلم، والانفتاح على المجتمعات الأخرى، وكالتبشير بفتح فارس والروم وهم في ضائقة الخندق، وبفتح مكة بعد صلح الحديبية... ويتخذ التدابير اللازمة للحفاظ على معنويات عالية عند المسلمين بسنّ التنظيمات وتشريع الأحكام وتخطيط المجتمع والدولة، بل مخاطبة كل الخلق من أهل كتاب وغيرهم، كما تقصّ سورة المائدة.
فمما سبق يُظْهِرُ الوحي أن اللهَ تعالى-وهو مَن أنزله وخاطب به الناس- هو: المحامي الحامي، والمؤنس المسَلِّي، والمربي المشفق، والمعلِّم الهادي، والقاضي الحاكم، والموجّه الحكيم. كما يُظْهِرُ أيضا أن للوحي خطة محكمة ومنهجا وسبيلا للبلوغ إلى غايات هذا الدين ومقاصده
محمد بن الحاج داود تمزغين
محمد بن الحاج داود تمزغين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق