الخميس، 22 مارس 2012

ملخص عن: علاقات القطب اطفيش من خلال مراسلاته ورحلاته (2)

 (الحلقة الثانية)
من مراسلاته

        شهد للقطب علماء كثيرون بالتفوق العلمي، وما انفكوا عن مراسلته في مختلف مواضيع الفقه والتاريخ واللغة والطب والفلك والعقيدة والتفسير والحديث وغيرها.  ومن هؤلاء الشيخ محمد عبده رائد الإصلاح الديني في مصر عندما زار تونس عام 1903/1321 وجه علماء جامع الزيتونة إلى أن يسألوا القطب اطفيش في مختلف إشكالاتهم الفقهية فقال لهم معاتبا «إنا نسأله من مصر وأنتم أقرب إليه منا» فقالوا: نعم[1]. وقد قال القطب:«ولا يحسن إلا ما كان على طريق تأليف الشيخ عبده والشيخ مصطفى بن إسماعيل المصري والشيخ قاسم بن سعيد الشماخي الليبي[2]».


        وراسله الخليفة عبد الحميد الثاني خان يسأله عن خط السكة الحديدية الذي يريد مده من استانبول إلى الحجاز هل هو جائز أم لا ؟ فقال له: «إنني أخاف أن تكون في ذلك نوايا سيئة من الدول النصرانية للدخول بطريقة هذا المشروع إلى البلاد المقدسة، فإذا وجد من أبناء المسلمين من يستطيع أن يسير هذا القطار فلا أرى في ذلك مانعا»[3]. وأهدى إليه الخليفة نفسه وسام الاستحقاق لحله للغز الماء[4]. كما أرسل القطب رسالة إلى السلطان عبد الحميد يستعطفه في إطلاق سراح تلميذه الشيخ سليمان بن عبد الله الباروني المسجون ظلماً، ودعا له بالخير والبركة إن هو استجاب لطلبه[5].

كما راسل القطب اطفيش كثيرا من العلماء في مختلف مناطق الجزائر منها رسالة إلى أهل تلمسان، أرسل إليهم جوابا موسعا عن تحريم التدخين والسعوط، وقد طبعت هذه الرسالة طبعة حجرية سنة 1326هـ/1906م. وكانت له علاقات وطيدة أيضا مع مفتي الجامع الأعظم في مستغانم الشيخ عبد القادر بن قاره الذي وصفه بقوله «صاحب السياسة والزهد والورع والرياسة». وراسل في أولاد سيد الشيخ حمزة المغربي البكري وقال عنه القطب:«هو رجل رفيع القدر في المغرب وهو رجل يميل إلي وإلى إعزازي جدا وسعى في ذلك ويأمر به ويوصي»[6].

الإدارة الاستعمارية الفرنسية: ومن تلك المراسلات إجابتهم لكتابة رسالة حول بعض تواريخ ميزاب، وأعلن القطب عن سبب المشاركة في حل لغز الماء من أجل أن يطالب الفرنسيين -جائزة له- أن يرفقوا بأهل التوحيد بأن يسقط خراجهم أو ينقص منه وأن يلزموهم الحكم بالعلم... وأن لا يفسدوا أنكحتهم وأن يخلوا بينهم وبين من أرادوا ضربه على الخمر أو الفسق وأن لا يعطلوهم عن الحج[7]». كما أرسل القطب رسالة إلى الدولة الفرنسية بيّن لهم وجه تحريم سوق المكس أينما كان من الكتاب والسنة والإنجيل[8]، في رسالة مطولة. فقد استعمل القطب الرسائل ليحفظ مصالح المسلمين ويكف شرور المستعمر ما أمكن، بالقلم وتلك درجة تغييره للمنكر، إضافة إلى تبيين الحقائق وتبليغ معالم هذا الدين.

كما ألف الشيخ رسالة في الرد على طاعن إنجليزي يرد عليه في إنكار نبوءة سيدنا محمد r وأن القرآن الكريم متناقض، وكان ذلك الإنجليزي يشكك الناس في تونس فبيّن له ذلك بحجج قوية من الكتاب والسنة والإنجيل والتوراة وهذه الرسالة مطبوعة طبعة حجرية 1321هـ/1903م. كما ألف كتاب رد الشرود إلى الحوض المورود، من أجل إظهار نبوءة محمد r من التوراة والإنجيل والقرآن لمن ينكرها من اليهود والنصارى وغيرهم من أهل الشرك والوثنية، وهذا الكتاب مطبوع طبعة حجرية 1320هـ/1902م.



خاتمة ونتائج: تلك هي بعض اللمحات حول مراسلات القطب ورحلاته، تبرز لنا كيف جمع بين التفرغ والاستقرار للتأليف وبين المراسلة والإجابة تواصلا مع من بعد عنه، فلم يحرم غيره من علمه تدريسا أو إجابة أو تأليفا، وتبرز لنا كيف فتحت له رحلاته وإن كانت قليلة آفاقا جديدة للتعرف والتعارف. كما كشفت رسائله عن مدى مسايرته للأحداث الوطنية والعالمية وغيرته على الإسلام والمسلمين.



[1] - القطب اطفيش: الرد على الفقي ص 13/حفار السلاسل الذهبية في الشمائل الطفيشية ص 31.
[2] - القطب اطفيش: تيسير التفسير ج5 ص 339
[3] - الشيخ القرادي: آثاره الفكرية ص 203.
[4] - القطب اطفيش: الرد على العقبي ص 31
[5] - مجموع رسائل القطب ص 92 (مخطوط)
[6] - كشف الكرب ج 2 ص 325 / جواب إلى أهل مكة ص 10
[7] - القطب اطفيش: رسالة شافية في تواريخ ميزاب ص 92
[8] - القطب اطفيش: مجموع الرسائل ص 154.

اقرأ الحلقة الأولى

إعداد: محمد تمزغين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق